تسجيل دخول

البريد الالكتروني / الموبايل: *
كلمة المرور: *
التسجيل من خلال حسابك فايسبوك
ليس لديك حساب؟ تسجيل

ماذا نعدّ لأطفالنا على الشاشات؟

 

في طفولتنا كنا نشاهد رسوماً متحركة تحكي لنا قصة نستفيد منها حكمة، أو خلقاً، أو ربما متعة قصيرة، ولكن مع تطور كل شيء، اتخذ جزء من هذه الرسوم المتحركة منحىً آخر، وباتت تروج للعنف في بعض حلقاتها أو حتى قد لا تجد المعنى فيها، ومن هنا نبعت الحاجة لخلق محتوى للأطفال ودمجهم في أنشطة الكبار، كالسينما مثلا، كما في كل نسخة من مهرجان أيام فلسطين السينمائية.

أفلام هذه المرة في بعضها كانت مؤلمة، فالولد والبحر لسامر عجوري على الرغم من قصره إلا أنّه يحكي قصة طفل كان يحب رسم البحر حتى صار سمكة بعد أن غطس فيه، هرباً من الحرب والفقر والدمار الذي جعل كل شيء أسود اللون، حتى الطفل نفسه، ثم رأينا صورة الطفل السمكة تطفو في شاشات على سطح البحر، تماماً كما رأينا إيلان الصغير ميتاً على الشاطئ من خلال شاشاتنا، والفيلم بالمناسبة مهدى إلى روحه.

أما الثاني لمارليز فان دير، فإيميلي بائعة الزهور كانت لطيفة وقريبة للقلب لكنها ليست صديقة أحد سوى الزهور، أعطتها كل الحب والوفاء، واقتصرت علاقاتها مع الناس على بيعها والسلام والوداع، وفي كل مرة تقترب من أحدهم أكثر، تشتاق لأزهارها فتصعد الجبل وتجلس بينها، حتى توفيت ودفنت هناك، وأحاطها الناس بالزهور، كما لو أنه وفاء لروحها الجميلة.

نحن نحب آباءنا كثيراً ويقولون كل فتاة بأبيها معجبة، وربما متعلقة أيضاً، كما في "أب وابنة" لمايكل دودوك، فالأب وقف وودع ابنته في هولندا، وبقيت الفتاة تنتظر عودة والدها... ومرت السنوات وأصبحت الفتاة ربة أسرة، والأب لم يعد، حتى جاء يوم وجف البحر الذي أخذ والدها، ونبت مكانه شيء يشبه القمح، والتقت الصغيرة بأبيها، وقد يكون هذا اللقاء محض حلم وخيال.

الفيلم الأخير "تمني" لشيرين دعيبس، كان الأقسى من بينها، ربما لأنه الأقرب لنا كفلسطينيين، فالطفلة الصغيرة تزور بائع الحلويات في الصباح لشراء كعكة، ولكن ما معها لا يكفي، فتفكر في أمور كثيرة لجلب الشواقل العشرة الأخيرة، وتبدأ بالسرقة، ولكن شيئاً ما يردعها، ربما أخلاقها العالية، ثم البيع في الشوارع ولكن لا أحد يعطيها، حتى ينتهي الأمر لأن تطلب الصدقة من الناس، وعندما تجمع المطلوب، يغلق صاحب المخبز المكان، وبعد رجاء طويل يفتحه... طيلة الأحداث ونحن نتساءل لماذا هذه الكعكة بالذات؟ لمن هي؟ ولكن ما لم يخطر ببال أحد هو أن الكعكة للاحتفال بعيد ميلاد والدها الأسير أو ربما الشهيد.

بعد العرض، عم الصمت وفتح النقاش بين الأطفال، كانوا صغاراً وربما بعضهم لم يع تماماً ما جرى في تلك الأفلام، سوى أنها كانت مملة أو غير مفهومة أو حتى جميلة...

هؤلاء هم الأطفال، أصحاب العقول البيضاء النقية الصافية، فاختاروا لهم ما يوسع مداركهم، لا ما يحد تفكيرهم بالبحث عن شيء موجود وندعي اختفاءه، ولا تجعلوهم عرضة للعنف المتلفز، بل انتقوا لهم ما يجعلهم أطفالاً أذكياء موهوبين فعالين في المجتمع.

فنتينا شولي